نوح الليالي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لسماحة العلامة الفقيد الشيخ محمد جواد مغنية

اذهب الى الأسفل

لسماحة العلامة الفقيد الشيخ محمد جواد مغنية Empty لسماحة العلامة الفقيد الشيخ محمد جواد مغنية

مُساهمة من طرف محب الرسول الأربعاء أكتوبر 10, 2007 12:53 am

و يأتمر و يفعل كُلّ ما فيه الخير و الصلاح له و للمجتمع ، و بهذا نجد تفسير الآية الكريمة : ( إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ ) .

أمّا الصيام فقد أمر به الإنجيل قبل أن يأمر به القرآن: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) و ليست الحكمة من وجوب الصيام أن يتذكر الصائم الجائعين ، فيحسن إليهم . و يتصدّق عليهم بالقرش و الرغيف - كما قيل – و لو كانت هذه فائدة الصيام لوجب الصيام على الأغنياء دون الفقراء ، و لكان حقاً على اللّه أن يسلط على الناس حاكماً ظالماً يظلمهم ، و يستعبدهم ليتذكروا المظلوم ، و ينتصروا له من الظالم .

إنّ قول اللّه سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) إشارة إلى أنّ الحكمة من وجوب الصوم ، و امتناع الإنسان عن طعامه و شرابه – و هما في بيته و متناول يده - أن يضبط الصائم نفسه بوازع يردعه عن استغلال الناس و استثمارهم ، و التعدّي على طعامهم و شرابهم . أن يدرك عملاً لا قولاً إنّ إطلاق العنان لأنانيته و أهوائه يجعل أقوات الناس و مقدراتهم رهناً بمقدرته على الاحتكار و اللعب بالأسواق ، و بمهارته في فنّ الغشّ و التدليس، و في ذلك خطر كبير عليه و على المجتمع . أن يدرك أنّ حرية الفرد و استقلاله و مصالحه - مهما بالغنا في احترامها - هي دون حرية المجتمع و استقلاله و مصالحه . أنّ الحرّ فرداً كان أو مجتمعاً هو من لا يَسْتَغِل و لا يُسْتَغَل ، لا يَستَعبِد ولا يُستَعبَد . و بالتالي أن يُهيِّئ الصائم نفسه بنكران ذاته ، و كبح شهواته ليكون عضواً صالحاً في مجتمع يسير في سبيل النجاح و الازدهار .

إنّ الدّين أمر بالصوم تحدياً للجوع و العطش ، لا رغبة في الجوع و العطش ، تحدياً للأهواء التي تفرض على الناس ضريبة الجوع و العطش ، و تعيق سير التقدم بجشعها الذي لا يقيد بقيد ، و لا ينتهي إلى حدّ . قال الرسول الأعظم محمد بن عبد اللّه ( صلى الله عليه و آله ) : ( الصائم من يذر شهوته و طعامه و شرابه، لأجل اللّه سبحانه ) ، و قال : ( كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع و العطش ). أجل ، لأنّ صيامه لم يَحُد من طمعه ، ولم يَرقَ به إلى احترام الحياة ، و الإيمان بحقوق الإنسان . و جاء في بعض الأدعية التي يتلوها المؤمنون في شهر رمضان المبارك : ( اللهم ارزقني الجدّ و الاجتهاد ، و القوة و النشاط لما تحبّ و ترضى ... و الوجل منك ، و الرجاء لك و التوكل عليك ، و الثقة بك ، و الورع عن محارمك )، إنّ الخوف من اللّه سبحانه ، و الورع عن محارمه ، و النشاط لما يرضيه ، كُلّ ذلك ، إنّما يكون بالتحرر من عبودية الهوى ، و حبّ السيطرة و الاستئثار ، و البعد عن الكسل و الخمول ، عن سبيل الذين يقامرون بقرش الفقير ، و رغيف البائس ، و لا عمل لهم سوى الانتقال من مقهى إلى بار ، و من ملهى إلى حانة ، إن اللّه لا يحبّ و لا يرضى عن مجتمع لا يجد و يجتهد ، و لا يكافح و يناضل في سبيل حياة أرقى و أبقى ، و لو ملأ الشوارع بالكنائس و الجوامع ، و الفضاء بالأجراس و الأذان ، إنّ المجتمع الذي يحبه اللّه و رسوله ، و يحبّ اللّه و رسوله هو الذي لا ترى فيه إِلاّ عاملاً في مصنع ، أو زارعاً في حقل ، أو راعياً على منحدر جبل ، أو سمّاكاً يجذب شباكه ، أو فناناً يرسم على لوحة ، أو طبيباً في عيادة ، أو عالماً في مختبر ، أو أديباً ينقد الأوضاع .

إنّ مثل هذا المجتمع خليق بأن يعبد اللّه مخلصاً له الدّين و الصلاة و الصيام .



العودة
محب الرسول
محب الرسول
مشرف عام

ذكر عدد الرسائل : 117
العمر : 32
تاريخ التسجيل : 16/09/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى